صالح سعيد
جميل ماقرأت
الأديب التونسي صالح سعيد
رُؤْيَا.
فَوْقَ عُشْبِ الذّكْرَيات...
تَحْتَ تريَاقِ السَّجَاياَ وَ العُيُونِ الرَّاصِدَات...
كُنْتُ وَحْدِي أَقْرَعُ كَأْسِي بِكَأْسِي وَأَزُفُّ الوَجْدَ مِنِّي بَيْنَ لَهْفٍ وَتَئِنِّ كُلَّ أَشْوَاقِ الحَيَاة
كُنْتُ فِي الشَّبَقِ الأَصِيلِ بَيْنَ أَنْغَامِ الوُرُودِ الحَالِمَات..
وَالسَّمَاءُ زَانَهَا الصَّحْوُ وَأَلْوَانُ الضِّياء وَالنُّجُومُ الفَاتِنَات..
لَفَّنِي وَجْدٌ رَهِيبٌ كَاللَّهِيبِ حَفَرَ مِنِّي اللَّهَاة..
كُنْتُ........
وحيدًا فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ الفَارِقَة...
أُسَافِرُ للِضِّفَّةِ الحَالِمَة...
أُرَاوِدُ صَرْحًا يَرُوقُ بَعِيدًا بِقَافِيَةٍ شَارِدَة..
وَأَبْنِي سَرَايَا التَّجَلِّي مَعَ قَبْضَتِي الوَاعِدَة..
أَقُولُ لِنَفْسِي وَقَدْ لَفَّنِي التِّيهُ فِي المَوْجَةِ العَاتِيَة:
"زَمَانِي تَبَعْثَر فِي الذِّكْرَيَاتِ بَيْنَ أَنِينِ الثُّلُوجِ وَقَيْظِ الرِّياحِ فِي بَلْدَتِي العَاليَة..
وَشَوْقِي تَطَاوَلَ حَتَّى يُلاَمِسَ نَبْضَ التُّخُومِ عَلَى اللَّمسَةِ النَّاعِمَة."
أَقُولُ لِهَذا الذِي يُرَاوِدُ سِرِّي أُرِيدُ لَهِيبًا يُذَوِّبُ الصَّخْرَةَ الجَامِدَة..
يُجِيبُنِي سِرِّي بِأَنَّ حَيَاةَ التَّلَهُّفِ تَبْقَى بِلاَ فَائِدَة..
وَأَنَّ الوُقُوفَ عَلَى الرَّبْوَةِ الشَّامِخَة،
سَبِيلٌ لِبَلْوَرَةِ الرُّؤْيَةِ الوَاضِحَة...
هَفَوْتُ بِسَهْمِ النَّظَرْ...
إِلَى الأُفُقِ الزَّائغِ......إِلَى سِدْرَةِ المُسْتَقَرْ..
إِلَى السِّرِّ مِنْ قَبْضَةِ النُّورِ تُرْمَى بِسَيْلِ المَطَرْ.
طَفَوْتُ عَلَى ضِفَّةِ الذِّكْرَيَاتِ أُجَمِّعُ أَشْتَاتَ هَذَا القَدَرْ،
وَأُلْقِيه فِي سَلَّةِ المُهْمَلات عَلَى هَامِشِ الرّاسِيَاتِ،
لِتَيْنَعَ مِنْ بَذْرِهِ حَيَاةً تَلِيقُ برُوحِ البَشَرْ..
رَسَوْتُ بِكُلِّي عَلَى اللَّحْظَةِ الآتِيَة،
رَأَيْتُ سِنِينِي كَمَوْجِ البَراكِينِ أَدْفَاقُهَا تَشْتَعِلْ،
لِتَصْهَرَ الصَّخْرَ مِنْ دَهْرِهَا،
وتُعْلِنَ فِي كُلِّ حِينٍ دَوَامَ السَّفَرْ..
صالح سعيد / تونس الخضراء.
تعليقات
إرسال تعليق